إنه الصحابي الجليل أنس بن النضر رضي الله عنه ، عم أنس
بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى اسمه
يسمى ، وينسب إلى بني النجار في المدينة.
~¤§ ثناء النبي عليه §¤~
أسلم أنس رضي الله عنه بعد وصول رسول الله صلى الله عليه
وسلم إلى المدينة ، وقد أثنى عليه صلى الله عليه وسلم حيث ورد
في الأثر أن أخته كَسرت ثنية جارية فأمر رسول الله صلى الله عليه
وسلم بالقصاص فقال أنس رضي الله عنه :
( لا والله لاتكسر ثنيتها يا رسول الله )
فرضي القوم وقبلوا دية الكسر ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم :
" إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره "
وقد أحب أنس رسوله صلى الله عليه وسلم ، وظل مدافعا عنه حتى
آخر قطرة دم في جسده .
~¤§ تخلفه عن بدر §¤~
لم يعلم أنس رضي الله عنه بخروج النبي صلى الله عليه وسلم لقتال
المشركين يوم بدر، فحزن حزنا شديدا ، ونذر نفسه للشهادة في سبيل
الله ليعوض ما فاته من يوم بدر.
وذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم نادما أن فاتته غزوة بدر،
فقال للنبي صلى الله عليه وسلم :
( يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتلت فيه المشركين والله لئن أشهدني الله قتال
المشركين ليرين الله ما أصنع )
~¤§ الوفاء بالوعد §¤~
لما كان يوم أحد ، خرج أنس بن النضر رضي الله عنه مع المسلمين ،
وهو يتمنى أن يلقى الله شهيدا في هذه الغزوة.
وبدأت المعركة وكان النصر حليف المسلمين إلى أن خالف الرماة أمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتحول النصر إلى هزيمة ، وفر
عدد كبير من المسلمين ، ولم يثبت مع النبي صلى الله عليه وسلم سوى
نفر قليل ، فلما رأى أنس بن النضر رضي الله عنه ذلك المشهد تذكر
على الفور وعده لله تعالى ، وقوله للرسول صلى الله عليه وسلم :
( لئن أشهدني الله قتال المشركين ليرين الله ما أصنع )
وذهب إلى رجال من المهاجرين والأنصار ، وقد ألقوا بأيديهم فقال :
( ما يجلسكم ؟ )
قالوا : قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال رضي الله عنه : ( فماذا تصنعون بالحياة بعده ؟
قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم )
ثم انطلق يشق صفوف المشركين قائلا :
( اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء " يعنى أصحابه " وأبرأ إليك
مما صنع هؤلاء " يعنى المشركين " )
ثم تقدم شاهرا سيفه ، فاستقبله سعد بن معاذ رضي الله عنه فقال :
( أي سعد ، هذه الجنة ورب أنس إني لأجد ريحها دون أحد )
وأخذ يقاتل ويضرب بسيفه يمينا وشمالا ، حتى سقط شهيدا على
أرض المعركة .
وبعد انتهاء القتال حكى سعد بن معاذ رضي الله عنه للنبي صلى
الله عليه وسلم ما صنعه أنس بن النضر رضي الله عنه ، وقال :
( فما استطعت يا رسول الله ما صنع )
~¤§ رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه §¤~
قام الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ليتفقدوا شهداء أحد ،
ويتعرفوا عليهم ، فوجدوا أنس بن النضر رضي الله عنه وبه بضعة
وثمانون جرحا ما بين ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية بسهم ،
وقد مثل به المشركون فلم يعرفه أحد إلا أخته الرُبيع بنت النضر
عرفته ببنانه .
وروي أن هذه الآية الكريمة :
(( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى
نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ))
نزلت في أنس بين النضر ومن معه من الصحابة رضي الله عنهم.